مشروع تعميم الحماية الاجتماعية... "ثورة" يقودها الملك

أخبار
الأربعاء ٢١ أبريل ٢٠٢١
10:58
استمع المقال
مشروع تعميم الحماية الاجتماعية... "ثورة" يقودها الملك
صفاء النوينو
استمع المقال

ثورة اجتماعية حقيقية...هكذا وصف وزير الاقتصاد والمالية محمد بنشعبون مشروع تعميم الحماية الاجتماعية في كلمته أمام العاهل المغربي الملك محمد السادس خلال حفل إطلاق المشروع يوم 14 أبريل الجاري بفاس. ورش كبير من شأنه تحصين الفئات الهشة اجتماعيا وتحسين ظروفها بما يضمن لها العيش الكريم في إطار العدالة الاجتماعية.

رؤية ملكية لعدالة اجتماعية
في أوج أزمة كورونا وما خلفته من آثار اجتماعية، جاء خطاب العرش لسنة 2020 ليشكل الانطلاقة الحقيقية لمشروع اجتماعي ضخم، يتعلق الأمر بتعميم الحماية الاجتماعية الذي ترأس الملك محمد السادس حفل انطلاقته قبل أيام. حينها، اعتبر العاهل المغربي أن الوقت قد حان لإطلاق عملية تعميم التغطية الاجتماعية لجميع المغاربة. وقال "نعتبر أن الوقت قد حان لإطلاق عملية حازمة، لتعميم التغطية الاجتماعية لجميع المغاربة، خلال الخمس سنوات المقبلة"، على أن يتم الشروع فيها تدريجيا ابتداء من يناير 2021، موضحا أن تداعيات أزمة كوفيد-19 "كشفت عن مجموعة من النواقص في المجال الاجتماعي، ومن بينها حجم القطاع غير المهيكل، وضعف شبكات الحماية الاجتماعية، خاصة بالنسبة للفئات الأكثر هشاشة". 
هذا الورش الكبير يشكل تجسيدا لرؤية ملكية شمولية من أجل النهوض بالجانب الاجتماعي، باعتباره رافعة أساسية للتنمية بل لب كل سياسة تنموية، ما فتئ العاهل المغربي يعبر عنها، بدءا من الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش في 29 يوليوز 2018 الذي طالب بإحداث السجل الاجتماعي الموحد والتعجيل بإنجاح الحوار الاجتماعي، ومرورا بخطاب العرش في يوليوز 2020، ثم الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الخامسة من الولاية التشريعية العاشرة في 9 أكتوبر 2020 الذي أكد على المشروع الرامي إلى تعميم التغطية الصحية والاجتماعية لجميع المغاربة وفق برنامج مسطر وواضح الملامح.
وتفعيلا للتوجيهات الملكية، أعدت الحكومة القانون الإطار للمشروع وتم عرض خطوطه العريضة أمام الملك محمد السادس لتتم المصادقة عليه خلال المجلس الوزاري يوم 11 فبراير الماضي، قبل أن يعرض أمام البرلمان ويتم التصويت عليه بالإجماع من قبل مجلسيه في مارس 2021.

يهم هذا الورش الملكي، في مرحلة أولى، الفلاحين وحرفيي ومهنيي الصناعة التقليدية والتجار، والمهنيين ومقدمي الخدمات المستقلين، الخاضعين لنظام المساهمة المهنية الموحدة ولنظام المقاول الذاتي أو لنظام المحاسبة، ليشمل في مرحلة ثانية فئات أخرى في أفق تعميمه لفائدة كل المغاربة.

نعتبر أن الوقت قد حان لإطلاق عملية حازمة، لتعميم التغطية الاجتماعية لجميع المغاربة، خلال الخمس سنوات المقبلة

الملك محمد السادس في خطاب العرش 29 يوليوز 2020

جدولة زمنية على مراحل
هو مشروع اجتماعي كبير يمثل منعطفا حاسما في مسار تحقيق التنمية المتوازنة والعدالة الاجتماعية والمجالية، إذ سيمكن من إدماج القطاع غير المهيكل في نسيج الاقتصاد الوطني، بما يوفر الحماية للطبقة العاملة ويصون حقوقها، كما أكد على ذلك الوزير بنشعبون في عرضه أمام الملك محمد السادس "هذا القانون يعد اللبنة الأساسية والإطار المرجعي لتنفيذ رؤية جلالتكم السديدة في مجال الحماية الاجتماعية، وتحقيق الأهداف النبيلة التي حددتموها، وفي مقدمتها دعم القدرة الشرائية للأسر المغربية، وتحقيق العدالة الاجتماعية".
هذا القانون سيمكن أيضا من ضمان التطبيق الأمثل لهذا الإصلاح وفق الجدولة الزمنية والمحاور المحددة في الخطب الملكية. ويتعلق الأمر أولا بتعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض خلال سنتي 2021 و2022، من خلال توسيع الاستفادة من هذا التأمين لتشمل الفئات المعوزة المستفيدة من نظام المساعدة الطبية والمهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يمارسون نشاطا خاصا، حيث سيتمكن 22 مليون مستفيد إضافي من هذا التأمين الذي يغطي تكاليف العلاج والأدوية والاستشفاء.

 وينص المشروع، في مرحلة ثانية تمتد ما بين 2023 و2024، على تعميم التعويضات العائلية خلال سنتي 2023 و2024، لتستفيد الأسر غير المستفيدة من هذه التعويضات، التي تشمل حسب الحالة، تعويضات للحماية من المخاطر المرتبطة بالطفولة أو من تعويضات جزافية، فيما تهم المرحلة الثالثة توسيع قاعدة المنخرطين في أنظمة التقاعد سنة 2025، لتشمل الأشخاص الذين يمارسون عملا ولا يستفيدون من أي معاش، من خلال تنزيل نظام المعاشات الخاص بفئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا، ليشمل كل الفئات المعنية.

أما النقطة الرابعة، فتهم تعميم الاستفادة من التعويض عن فقدان الشغل سنة 2025، لتشمل كل شخص متوفر على عمل قار، من خلال تبسيط شروط الاستفادة من هذا التعويض وتوسيع الاستفادة منه.

 

51 مليار درهم سنويا وملايين المستفيدين

ويتطلب تدبير هذه البرامج في أفق 2025، مبلغا إجماليا سنويا يقدر بـ51 مليار درهم، منها 23 مليار سيتم تمويلها من الميزانية العامة للدولة.
كما يتطلب تنزيل هذا المشروع كذلك، تعديل مجموعة من النصوص التشريعية والتنظيمية القائمة وإعداد أخرى جديدة، وإطلاق مجموعة من الإصلاحات الهيكلية تهم تأهيل المنظومة الصحية، وإصلاح نظام المقاصة، وتفعيل السجل الاجتماعي الموحد، إلى جانب تطوير الجوانب التدبيرية، وتلك المتعلقة بحكامة هيئات الضمان الاجتماعي، في أفق إحداث هيئة موحدة للتنسيق والإشراف على أنظمة الحماية الاجتماعية.


في حفل إطلاق مشروع الحماية الاجتماعية، ترأس الملك محمد السادس توقيع ثلاث اتفاقيات -إطار تهم تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بفئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا.
وتتعلق الاتفاقية -الإطار الأولى بتعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض لفائدة التجار، والحرفيين، والمهنيين، ومقدمي الخدمات المستقلين الخاضعين لنظام المساهمة المهنية الموحدة أو لنظام المقاول الذاتي أو لنظام المحاسبة، والذي يهم ما يفوق 800 ألف منخرط.
وتهم الاتفاقية الإطار الثانية تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض لفائدة الحرفيين ومهنيي الصناعة التقليدية، والذين يصل عددهم إلى حوالي 500 ألف منخرط.
وتتعلق الاتفاقية الإطار الثالثة بتعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض لفائدة الفلاحين، والذين يبلغ عددهم حوالي 1,6 مليون منخرط.
 ومن المنتظر أن يتم العمل على توقيع الاتفاقيات الخاصة بالفئات المتبقية خلال الأسابيع القادمة، ويتعلق الأمر بمهنيي النقل وأصحاب المهن الحرة من مهندسين وأطباء ومحامين ...

وسيتمكن، حسب ما أكده بنشعبون، حوالي 22 مليون شخص إضافي خلال سنتي 2021 و2022، من الاستفادة من التأمين عن المرض الذي يشمل نفس سلة العلاجات التي يغطيها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بالنسبة لأجراء القطاع الخاص، وكذا الولوج إلى الخدمات التي يوفرها كل من القطاعين الخاص والعام.

ورش اجتماعي طموح أطلقه المغرب، من شأنه أن يكون له تأثير كبير على ظروف عيش المستهدفين، كما يشكل خطوة في طريق إدماج الاقتصاد غير المهيكل وتحفيز الاستثمارات في عدد من القطاعات، في إطار رؤية تنموية شاملة تعتمد على الشق الاجتماعي باعتباره قاطرة أساسية للتنمية.

 

أصداء مشروع تعميم الحماية الاجتماعية بالمغرب: