شمس مغربية لم تغب عن الملاعب الإسبانية

رياضة
الأحد ٠٧ فبراير ٢٠٢١
00:50
استمع المقال
شمس مغربية لم تغب عن الملاعب الإسبانية
MEDI1TV.COM
استمع المقال

منذ أكثر من 70 سنة، لم تغب شمس "أسود الأطلس" عن إحدى أقوى البطولات الكروية الأوروبية والعالمية، "الليغا" الإسبانية، حيث تعاقب على مر الأجيال، لاعبون مغاربة من العيار الثقيل، على مختلف الأندية الإسبانية، صنعوا مجدا، رفعوا همما، وبصموا تألقا، سجلته الملاعب الإسبانية، ورسخته الذاكرة الرياضية.
في هذا الملف، نلقي نظرة سريعة على أبرز محطات النجوم المغربية التي تلألأت في سماء الكرة الإسبانية.
العربي بن مبارك .. "الجوهرة السوداء"

هو من دون شك أحد أساطير الكرة المغربية، وقد كتب في حقه صحفي فرنسي سطرا شهيرا، تعبيرا عن تذمره بسبب فقدان أولمبيك مارسيليا أحد ألمع النجوم، برحيله إلى أتليتيكو مدريد : "بيع قوس النصر أو برج إيفل، ولكن لا تبع بن مبارك"

تعتبر التجربة الاحترافية للراحل العربي بن مبارك، رفقة نادي أتليتيكو مدريد منذ سنة 1949، الأكثر نجاحا في مسيرته الكروية، فقد توج أسطورة الكرة المغربية، وأول من حمل لقب "الجوهرة السوداء" المغربية، مع "الروخي بلانكوس" بلقب الليغا لموسمين متتاليين 1951 و1952، إضافة إلى كأس الملك سنة 1951، ليصبح أول لاعب عربي يحرز لقب الليغا، وأول عربي تطأ قدماه ملاعب إسبانيا.

بن مبارك ابن الدار البيضاء، الذي خاض تجربة احترافية قبل قدومه إلى العاصمة مدريد، رفقة أولمبيك مارسيليا، أصبح أحد رموز الكرة في أتلتيكو مدريد, فقد أحرز معه 56 هدفا في 113 مباراة خلال 5 مواسم وشكل إلى جانب السويدي كارلسون أقوى خط هجوم في الليغا بداية الخمسينات، قبل أن يعود مجددا إلى فرنسا سنة 1953.

وقد ترك بن مبارك صدى طيبا ، ورسم صورة مشرقة عن الكرة المغربية، وهو ما أكده "الأسطورة" بيليه الذي تجمعه به صورة شهيرة، حيث أثنى عليه وأشاد بمستواه الكروي.


العربي بن مبارك في سطور

أول لاعب افريقي يلعب على أرض إسبانيا
واحد من أكثر اللاعبين تأثيراً في تاريخ الليغا
ولد في حي شعبي بالدار البيضاء في 16 يونيو 1914
كان يتيماً في سن مبكرة ووجد ملجأه في كرة القدم
تميز بطول قامته وأسلوب لعبه البرازيلي والمراوغة البارعة
أثار انتباه أولمبيك مارسيليا، لينتقل إلى فرنسا في عام 1938
أذهل المشجعين الفرنسيين بعشرة أهداف في موسمه الأول
ضمه أتلتيكو مدريد بصفقة مالية سنة 1949 (حوالي 8 ملايين فرنك فرنسي) حينها
سجل 19 هدفاً في موسمه الأول مع أتلتيكو
لمدة خمس سنوات، سجل بن مبارك 56 هدفاً في 113 مباراة
أصبح أول مدرب للمنتخب المغربي بعد الاستقلال
بعد ست سنوات من وفاته في عام 1992، حصل على جائزة وسام الاستحقاق، وهو أعلى تكريم في FIFA
بن مبارك هو مثال رئيسي على سبب التزام الليغا بالكشف عن المواهب الإفريقية وإبرازها


عبد الله "مالقا" .. حين يحظى اللاعب بحب وتكريم، وإسم ناديه

عبد الله الأنطاكي سار على نفس درب التألق ليرسم بدوره صورة راقية عن اللاعب المغربي في عالم الاحتراف عامة، وخصوصا في الكرة الإسبانية. فبعد أن كانت بداياته مع فريق سطاد المغربي، انتقل الأنطاكي سنة 1956 بفريق إف سي غرناطة الذي لعب له لثلاثة مواسم.

بعد ذلك ستبدأ فترة توهج خاصة في مسار الأنطاكي الكروي، حيث التحق بنادي مالقا الإسباني، سنة 1959 ، وكانت تلك بداية لأكثر من عقد من الزمن داخل أسوار النادي الأندلسي، حيث قضى معه 13 سنة كلاعب، إلى درجة أنه أصبح يلقب بـ "عبد الله مالقا".

ولم يحمل عبد الله الأنطاكي لون أي فريق آخر في عالم الاحتراف بعد مالقا، وهو ما جعله يحظى بمكانة خاصة لدى جمهور وإدارة النادي على مر الأجيال، حتى أنه حظي بتكريم من خلال إطلاق إسمه على إحدى البوابات الرئيسية للملعب الرسمي للنادي "لاروزاليدا". وتحول عبد الله الأنطاكي إلى مجال التكوين داخل مالقا، كما أنه أصبح اليوم من رموزه ونجومه عبر التاريخ.

بادو الزاكي .. "تمثال" يغني عن أي عنوان

يحتفظ الجمهور المغربي بذكريات رائعة للحارس الأسطوري بادو الزاكي رفقة "أسود الأطلس"، حارسا ومدربا، لكن كثيرين من أبناء الجيل الجديد، ربما يجهلون فترة ذهبية لابن الوداد، قضاها في الملاعب الإسبانية، وجعل صداها يتجاوز الحدود، كأحد السفراء الذين شرفوا كرة القدم المغربية.

فقد حمل الزاكي مشعل التألق المغربي في إسبانيا، حيث حط الرحال في ثمانينيات القرن الماضي، في نادي مايوركا، ليقود جيلا جديدا من "الأسود" التي زأرت هي الأخرى بطريقتها في الليغا. وقد حقق الزاكي التأهل لنهائي كأس إسبانيا لأول مرة في تاريخ النادي سنة 1990، ولمع إسمه من خلال تصدياته الرائعة لضربات جزاء أشهر لاعبي كرة القدم الدوليين، وفي مقدمتهم الهولندي رولاند كومان.

وسيرا على نهج سابقيه، جمع الزاكي المجد الكروي باستحقاق، واختير كأحسن لاعب أجنبي في الدوري الإسباني سنة 1986-1987، كما أحرز لقب أحسن حارس مرمى سنوات 1986-1987 و1988-1989 و1989-1990.
وتعبيرا عن اعترافه بما قدمه حارس عرين "الأسود"، قرر نادي مايوركا في ختام مسيرته الرياضية كحارس مرمى، سنة 1991 إقامة تمثال له، تكريما له واعترافا بعطاءاته وأخلاقه العالية في مسيرته الرياضية، كلاعب عايش أفضل فترات الفريق النجومية، لمدة تجاوزت الست سنوات.

 

نور الدين نايبت .. "صخرة الدفاع" التي لن ينساها "الديبور"

لا يجادل أحد أن نور الدين نايبت هو أحد أبرز المدافعين في تاريخ المنتخب الوطني المغربي لكرة القدم، صخرة دفاع "أسود الأطلس" ونادي الوداد الرياضي، فرض إسمه وشخصيته في

الملاعب الكروية على مدى سنوات من العطاء، توج فيها بالعديد من الألقاب رفقة ناديه الوداد، المنتخب الوطني، وأيضا رفقة ناديه في عالم الاحتراف، ديبورتيفو لاكورونيا الإسباني.

التحق نايبت بنادي ديبورتيفو لاكورونيا سنة 1996، ليقضي معه ثمان سنوات، شكلت إحدى أزهى فترات المجد الكروي للمدافع المغربي، حيث أنه بلغة الأرقام، خاض رفقته 260 مباراة سجل خلالها 15 هدفا ، متوجا حضوره الملفت بلقب البطولة الإسبانية سنة 2000 ، وبعدها بسنتين بكأس إسبانيا.

لم تكن فترة نور الدين نايبت في عالم الاحتراف رفقة لاكورونيا، فترة عادية، بل إنه شكل أحد أعمدة الدفاع داخل النادي الإسباني، حيث فرض رسميته وأحقيته بشكل صريح، متسلحا بـ "غرينتا" "أسود الأطلس"، ما جعله رقما أساسيا وعنصرا حاسما في تألق "الديبور"، ليصنع إلى جانب مصطفى حجي و صلاح الدين بصير فرحة تاريخية لساكنة منطقة لاكورونيا الإسبانية ، ويدونوا أسمائهم بمداد الفخر في السجل التاريخي للفريق.

أحتفظ بذكريات خاصة من الليغا، لقد كانت فترة جد خاصة بالنسبة لي، في بطولة هي الأفضل في العالم

تصريح سابق لنور الدين نايبت خلال مؤتمر لـ "لاليغا" في الدار البيضاء


سجل اللاعبين المغاربة الذين صنعوا المجد الكروي، وخطفوا الأضواء في الملاعب الإسبانية، هو سجل مشرف، فقد توافدت أسماء شابة أخرى على أندية الليغا، منها من فرض إسمه بقوة وخلده في سجلات الفريق، ومنها من اكتفى بمرور عابر في تجارب قصيرة، وآخرون حملوا المشعل ليواصلوا السير على درب التألق والتميز، ليس آخرهم يوسف النصيري وياسين بونو.

فتحت شعار الاستمرارية في التألق، برز جيل آخر من اللاعبين المرموقين، كالحارس الكبير منير المحمدي الكجوي، موحا اليعقوبي نجم أوساسونا ، ونبيل الزهر الذي جاور العديد من الأندية ، نبيل باها، نور الدين أمرابط ، عدنان تغدويني الذين جاوروا فريق مالقة لفترات متقاربة، المهدي كارسيلا الذي لعب لغرناطة، وفيصل فجر الذي لعب لنادي خيتافي في الدرجة الأولى، إضافة إلى أسماء أخرى كمنير الحدادي (برشلونة- اشبيلية) وسفيان بوفال (سيلتا فيغو)، زهير فضال (ريال بيتيس)، أسامة الإدريسي (اشبيلية). وقبل هؤلاء، يجدر ذكر أسماء نجوم آخرين كحسن فاضل وسعيد شيبا .

اللعب في الليغا كان حلما بالنسبة لي، وقد تحقق، كانت لحظات رائعة أن تحقق حلم الطفولة باللعب مع أفضل لاعبي وأندية العالم

تصريح سابق لنبيل باها خلال مؤتمر لـ "لاليغا" في الدار البيضاء

 

هناك أسماء أخرى بصمت على مرور مشرف من الليغا، كيوسف العربي الهداف التاريخي لنادي غرناطة ، في دوري الدرجة الأولى الإسباني لكرة القدم ( 2013 – 2017 )، حيث سجل إجمالي 35 هدفا، ليتخطى رقم اللاعب بورتا الذي كان قد سجل 34 هدفا بقميص الفريق، وهو الرقم الذي ظل محافظا عليه منذ 1975.
وحاليا، يبصم ياسين بونو حارس المرمى المتألق ، ويوسف النصيري المهاجم الهداف على أروع الذكريات رفقة اشبيلية ، فقد كان بونو كان أحد مهندسي التتويج السادس لإشبيلية بالدوري الأوروبي، بفضل أدائه المتميز ومهاراته الكبيرة، فيما يقود النصيري فريقه إلى حصد النتائج الايجابية.

النصيري يشق طريق النجومية بثبات وهدوء

وُلد النصيري في مدينة فاس، وبدأ مسيرته في عالم كرة القدم مع فريق المغرب الفاسي "الماص"، قبل أن يتم قبوله في أكاديمية محمد السادس لكرة القدم. وهناك صقل مهاراته وبلغ نضجه الكروي، وأصبح أحد النجوم الصاعدين عبر الأكاديمية.

بعد فترة قصيرة انتقل لفريق مالقا الذي تعاقد معه عند بلوغه 18 سنة. وبعد فترة أولية لعب خلالها مع شبان الفريق الإسباني، شارك النصيري في أول مباراة له مع الفريق الأول لمالقا في غشت 2016. وقد تألق في أواخر موسم 2017/18، وأصبح أحد اللاعبين الأساسيين في الفريق بعد أن سجل أربعة أهداف في ذلك الموسم من لاليغا، وكانت جميعها في النصف الثاني من الموسم، حيث بذل كل جهده لإنقاذ فريق مالقا من الهبوط. في نهاية المطاف، لم تكن موهبة وأهداف النصيري كافية لإنقاذ مالقا من النزول للقسم الثاني. وقد لفتت مهارته الانتباه، حيث بقي يلعب في بطولة القسم الأول الإسبانية بعد انتقاله للفريق المدريدي ليغانيس.

واليوم يعتبر النصيري أحد نجوم نادي اشبيلية، حيث تمكن إلى حدود الدورة 20 من الدوري الاسباني، من اعتلاء صدارة هدافي الليغا إلى جانب سواريز مهاجم أتلتيكو مدريد ب 12 هدفا، متفوقا على النجم ليونيل ميسي صانع ألعاب برشلونة بفارق هدف واحد ، فضلا عن أربعة أهداف أخرى وقعها في عصبة الأبطال الاوروبية، ما جعله يتوج بجائزة أفضل لاعب في الليغا لشهر يناير .

تألق اللاعبين المغاربة، لا يمر دون يخلف صدى إيجابيا في وسائل الإعلام الرياضية الإسبانية، حيث تسلط من حين لآخر كبريات الصحف والدوريات الرياضية الضوء على تألق نجم مغربي في أحد أندية الليغا، هذه الأخيرة ما فتئت تشيد وتثني على أداء مغاربة الليغا، خصوصا من خلال حساباتها الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ لا يكاد يمر أسبوع دون أن تشير إلى تألق وتميز هؤلاء النجوم، أو تسترجع ذكرى مشرقة لأحد أساطير الكرة المغربية في الدوري الإسباني لكرة القدم.

ففي شهر غشت 2020، بث الحساب الرسمي لليغا الإسبانية على تويتر، شريط فيديو تحت عنوان "حقيقة لا مفر منها ..نجوم مغاربة شرفوا تاريخ الكرة العربية والإفريقية في الدوري الإسباني"، وهو شريط يستحضر على مدى 3 دقائق و 54 ثانية ، العطاء المتميز للدوليين المغاربة في الدوري الاسباني.