تغطية مباشرة

الهولنديون يستعدون للعودة إلى صناديق الاقتراع برسم استحقاقات تشريعية تخيم عليها جائحة كورونا

أخبار
الخميس ١٨ فبراير ٢٠٢١
13:32
استمع المقال
الهولنديون يستعدون للعودة إلى صناديق الاقتراع برسم استحقاقات تشريعية تخيم عليها جائحة كورونا
مدي1.كوم و (و.م.ع)
استمع المقال

في سياق مطبوع بالشكوك السوسيو-اقتصادية المرتبطة بوباء فيروس كورونا، تستعد هولندا للعودة إلى صناديق الاقتراع قصد انتخاب حكومة جديدة ستقود البلاد خلال السنوات الأربع المقبلة.

وقبل أقل من شهر على الانتخابات التشريعية التي ستجرى خلال الفترة ما بين 15 و17 مارس المقبل، تم تعليق الحملة الانتخابية بسبب الأزمة الصحية، لكن مختلف التشكيلات السياسية في البلاد تواصل جهودها لكسب تأييد الناخبين.

وسيتنافس في الاستحقاقات التشريعية المقبلة ما لا يقل عن 37 حزبا: وهو رقم قياسي لم يسبق بلوغه منذ العام 1922.

ومن بين هذه التشكيلات السياسية، ستحاول أحزاب صغيرة من قبيل “المسيح على قيد الحياة” أو “حزب الاحتفال” أو حتى “يونغ” أو حزب الشباب، إيجاد مكان لها في المشهد السياسي الهولندي، من خلال إدخال منتخبين للبرلمان، بينما ستحاول الأحزاب السياسية الكبرى تعزيز مراكزها أو إعادة تلميع صورتها. ولعل هذا هو الحال خصوصا بالنسبة لأحزاب الوسط واليمين الأربعة، أعضاء الائتلاف الحكومي المنتهية ولايته.

وشهدت الأحزاب التي تحالفت من أجل قيادة البلاد خلال السنوات الأربع الأخيرة، وهي الحزب الشعبي من أجل الحرية والديمقراطية، بزعامة رئيس الوزراء مارك روته، والنداء الديمقراطي المسيحي، والاتحاد المسيحي، وحزب “الديمقراطيين 66″، خلال أسابيعها الأخيرة في السلطة فضيحة مدوية في إدارة الضرائب، على إثر اتهام خاطئ للآلاف من العائلات المهاجرة بالاحتيال قصد الاستفادة من الإعانات الأسرية.

كما وُجد بأن بعض مسؤولي الضرائب قاموا بـ “تصنيف عرقي” لنحو 11 ألف شخص على أساس جنسيتهم المزدوجة.

وأجبرت هذه القضية، التي تصدرت عناوين الصحف الهولندية، حكومة روته على تقديم استقالتها في 15 يناير الماضي، قصد تجنب ملتمس رقابة في البرلمان. ومع ذلك، تواصل السلطة التنفيذية المستقيلة تدبير الشؤون الجارية في انتظار اقتراع مارس المقبل.

وإذا كان بعض المراقبين يعتبرون بأن هذه الفضيحة قد تمس بحزب مارك روته وحلفائه في الائتلاف الحكومي المنتهية ولايته، تشير استطلاعات الرأي في المقابل إلى أن هذا المنزلق لن يؤثر على نتيجة الانتخابات.

هكذا، فإن الحزب الشعبي من أجل الحرية والديمقراطية يأتي بفارق كبير في مقدمة نتائج الاستطلاعات بنسبة 27 في المائة من نوايا التصويت، بعد ظفره بثلاث حملات تشريعية متوالية. ويراهن الليبرالي مارك روته، الذي يرأس الحكومة منذ زهاء 11 عاما، ما يعد رقما قياسيا، على شعبيته وحس التوافق الذي مكنه من الحكم على التوالي مع اليمين، والوسط، واليسار على مر السنين، حتى يكسب الرهان.

وفي مواجهة مختلف التحديات التي تطرحها جائحة “كوفيد-19″، يصر على أن تعمل حكومة “قوية” للخروج من هذه الأزمة غير المسبوقة. لكن منتقديه يرسمون صورة أقل بريقا لعقد من الزمن تميز بالاقتطاعات في الميزانية، وإضعاف الخدمات العمومية، وتفاقم مظاهر عدم المساواة.

ومع ذلك، يرى الكثيرون أن مارك روته سيخرج أقوى من الانتخابات التشريعية المقبلة، تماما مثل الأحزاب الأخرى المشكلة لائتلافه الحاكم، على اعتبار أن الناخبين في حاجة إلى الاستقرار في ظل ظرفية جد صعبة.

ويرى البعض، أيضا، أن قلق الناخبين سيسير في اتجاه درء شبح الشعبوية المشككة في الاتحاد الأوروبي، والتي يجسدها زعيم اليمين المتطرف خيرت فيلدرز.

ويأمل الحزب من أجل الحرية برئاسة فيلدرز، الذي يأتي ثانيا في استطلاعات الرأي، أن يخلق المفاجأة ويصبح أكبر تشكيل سياسي في هولندا.

ولهذه الغاية، يلعب زعيم اليمين المتطرف الهولندي كعادته ورقة الإسلاموفوبيا وكراهية الأجانب، بينما يعد بالانسحاب من الاتحاد الأوروبي والعودة إلى الحدود الوطنية. ومن منطلق تشكيكه في المناخ، فهو يدعو أيضا إلى تفكيك توربينات توليد الطاقة الريحية في البحر، ووقف حظائر توليد الطاقة الشمسية، والانسحاب من اتفاقية باريس والتخلي عن الصفقة الأوروبية الخضراء.

وعلى ضوء نسبة تتراوح ما بين 12 و14 في المائة من نوايا التصويت، يتوقع أن يفوز حزب فيلدرز بنحو 20 مقعدا (من 150) في البرلمان، لكن الطبيعة الراديكالية لبرنامجه تجعل من غير المحتمل أن يكون قادرا على التحالف مع أحزاب أخرى داخل ائتلاف حكومي.

وفي انتظار صدور حكم صناديق الاقتراع، ستكون الانتخابات التشريعية المقبلة في هولندا بمثابة اختبار لشعبية رئيس الوزراء مارك روته، الذي سيحرص على العودة لمنصبه في إطار ولاية رابعة وقيادة البلاد إلى بر الأمان بعد أزمة صحية ذات تداعيات وخيمة.