تغطية مباشرة

قرار محكمة النقض حول المواليد خارج الزواج .. تناقض في المواقف أم اجتهاد قضائي جديد؟

أخبار
الأربعاء ٢٨ أبريل ٢٠٢١
13:45
استمع المقال
قرار محكمة النقض حول المواليد خارج الزواج .. تناقض في المواقف أم اجتهاد قضائي جديد؟
ميدي1 نيوز.كوم
استمع المقال

تصدر قرار محكمة النقض المغربية، قبل أيام، بخصوص نسب الطفل غير الشرعي عناوين الصحف المغربية، وأثار جدلا كبيرا وجملة من الانتقادات، خاصة أنه جاء بعد أربع سنوات من قرار المحكمة الابتدائية بطنجة بثبوت نسب طفلة ولدت خارج إطار الزواج لأبيها البيولوجي.

وأكد القرار الجديد لمحكمة النقض عدم ارتباط الطفل غير الشرعي، بأي شكل من الأشكال بالأب البيولوجي، لا بالنسب ولا بالبنوة، وهو ما قد يشكل تهديدا لقرارات سابقة للمحاكم المغربية أثبتت نسب الطفل غير الشرعي للأب البيولوجي بالإستناد للخبرة الجينية والمواثيق الدولية التي تسمو، حسب الدستور المغربي، على التشريعات الوطنية. 

ثبوت البنوة لا يعني ثبوت النسب

ويأتي قرار محكمة النقض، باعتبارها محكمة قانون، تتولى مهمة مراقبة سلامة القرارات الصادرة عن المحاكم ومدى التزامها بالقواعد القانونية المقررة فقها وقانونا، حسب ما أشار إليه محمد إيكيج، الباحث في قضايا الأسرة والإطار بالمعهد العالي للقضاء، في مداخلة على قناة ميدي1 تيفي، مؤكدا أن قرار المحكمة "استعرض الحيثيات التي واكبت صدور الحكم الابتدائي، والطعن الذي تبعه في محكمة الاستئناف."

وأوضح إيكيج أن المحكمة الابتدائية بطنجة أثبتت بنوة الطفلة لأبيها البيولوجي، ولم تثبت النسب، لأن ثبوت البنوة لا يعني بالضرورة ثبوت النسب في التشريع الوطني، وهو ما يطرح إشكالا، حيث تؤكد المادة 142 من مدونة الأسرة أن البنوة تتحقق بتنسل الولد من أبويه، وهذا قد يكون شرعيا أو غير شرعي، وهو ما تمسكت به بالمحكمة الابتدائية بطنجة. 

 

هناك حاجة ملحة للقيام بمراجعة شاملة لفصول مدونة الأسرة

 

هل يتناقض قرار محكمة النقض مع فصول الدستور المغربي؟ 

تأسفت فتيحة اشتاتو، عضو المكتب التنفيذي لفيدرالية رابطة حقوق النساء، في مداخلة على قناة ميدي1 تيفي، لقرار محكمة النقض، حيث قالت "أصبنا بخيبة أمل، وأمل كل من كان يعتقد بأن الغاية من التشريع هي المصلحة الفضلى للأطفال."

وأكدت اشتاتو بأن هناك حاجة ملحة للقيام بمراجعة شاملة لفصول مدونة الأسرة بعد مرور 17 سنة على صدورها، خاصة الفصل 400 الذي ينص على "أنه في حالة عدم وجود النص الرجوع إلى الاجتهاد الفقهي، المذهب المالكي إلى غير ذلك ... في كل ما يتعلق بالعدل والمساواة في إطار الإسلام"، مشيرة إلى أن قرار المحكمة يعري عن "تناقض" حقيقي بالنظر إلى أن تصدير الدستور المغربي "ينص على مجموعة من الحقوق، وأن المغرب ملزم بالاتفاقيات الدولية التي صادق عليها." 

وتفسيرا لهذا التناقض الحاصل، أكد إيكيج أنه يجب قراءة النص الدستوري "قراءة تامة" على اعتبار أن الدستور المغربي نص على "أن الاتفاقيات الدولية تسمو على القوانين الوطنية التي نص عليها الدستور فور نشرها، ولكن بما لا يتناقض مع الهوية الوطنية للبلاد، وكذلك مع العمل لملاءمة تلك الاتفاقيات الدولية مع التشريعات الوطنية."

وحسب إيكيج فإن التفسير الذي أعطته المحكمة الدستورية يفيد بأن "هذه الاتفاقيات الدولية أٌقل درجة من الدستور على مستوى التطبيق والالزام، وقد ترقى على مستوى بعض التشريعات الوطنية ويمكن أن تتم ملاءمتها."

 

نحن الآن بحاجة إلى توسيع دائرة الاجتهاد

 

باب الاجتهاد مفتوح لأجل المصلحة الفضلى للطفل

كما أكد الباحث في قضايا الأسرة، على أنه على الرغم من أننا اليوم أمام ما هو محكوم به على مستوى النص القانوني، إلا أن باب الاجتهاد يظل مفتوحا، على اعتبار أن مسألة حماية حقوق الطفل غير الشرعي ومصلحته الفضلى موكولة للاجتهاد الفقهي من أجل الخروج من هذا النفق. "نحن الآن بحاجة إلى توسيع دائرة الاجتهاد باعتبار أن المادة 400 من المدونة تحيل على أنه في حال أنه لم يكن هناك نص شرعي أو قانوني ينظم مسألة معينة يمكن فيها الاجتهاد الفقهي (...) هناك اجتهادات فقهية تحالف ما ذهب إليه الجمهور." 

وفيما قد يعتبر البعض أن قرار المحكمة من شأنه دحض قرار المحكمة الابتدائية، أكدت شتاتو أنه من المستبعد أن يؤثر هذا القرار على مصير القضية.