العالم يحتفي باليوم العالمي لشجرة الأركان المغربية

ثقافة
الإثنين ١٠ مايو ٢٠٢١
13:29
استمع المقال
العالم يحتفي باليوم العالمي لشجرة الأركان المغربية
ميدي1نيوز+وكالات
استمع المقال

يحتفل المغرب والعالم بأكمله يومه الإثنين 10 ماي، باليوم العالمي لشجرة الأركان في نسخته الأولى، بعدما قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة، اعتماد هذا اليوم للاحتفاء بهذه الشجرة وتثمينها كتراث لامادي.

ويعد هذا الاحتفاء التاريخي اعترافا دوليا بخبرة المملكة في مجال تثمين هذه الشجرة ذات القيمة الكبرى في المجال البيئي والعلاجي والتجميلي، وتتويجا لجهودها في تطوير شجرة الأركان كمصدر عريق للتنمية المستدامة.

وتعد هذه التظاهرة مناسبة للتعريف بهذه النبتة الفريدة من نوعها على الصعيد العالمي، حيث تعتبر التربة المغربية موطنها الأصلي والوحيد، ولتسليط الضوء على الممارسات والمهارات الحياتية التي تربط الساكنة المحلية بهذه الشجرة الفريدة.

ويعتبر إقرار المنتظم الأممي ليوم 10 ماي يوما عالميا لشجرة الأركان اعترافا بالجهود المتواصلة التي بذلها المغرب، سواء من طرف المؤسسات العمومية الرسمية أو منظمات المجتمع المدني، من أجل الحفاظ على هذه الشجرة المعمرة، لاسيما خلال العقود الأخيرة التي توالت فيها المبادرات المحلية والوطنية والدولية من أجل بلورة تصور مغاير للتعامل مع هذا الموروث النباتي الفريد الذي فطن الكثيرون لفضائله ومنافعه، حيث ما تزال الأبحاث سارية لاكتشاف مزيد من المنافع الخفية لزيت الأركان ومشتقاته.

ويأتي هذا الاحتفال، تتويجا لجهود المملكة المغربية في تثمين شجرة الأركان، بعد اعتماد الاقتراح الذي قدمه المغرب للجمعية العامة للأمم المتحدة، وهو القرار الذي تمت المصادقة عليه بالإجماع من طرف الدول الأعضاء بنيويورك يوم 3 مارس 2021، حيث حاز المغرب بموجبه على دعم المجتمع الدولي لحماية هذا الموروث الطبيعي و تنمية مجاله الحيوي.

ولم يكن تتويج المغرب بهذا اليوم العالمي من باب التعاطف أو المصادفة، بل ينم عن حنكة وتجربة فريدة راكمها المغرب على مر عقود من الزمن في التعامل مع هذه الثروة النباتية الوطنية التي تمتد على مساحة تزيد عن 800 ألف هكتار، موزعة على ثلاث جهات ( سوس ماسة، ومراكش آسفي، وكلميم واد نون)، وتشكل مصدر عيش للآلاف من الساكنة المحلية، كما تضطلع بدور كبير في التوازنات البيئية، فضلا عن كون منتجاتها ، الغذائية والطبية، تشكل “علامة مغربية مسجلة” على الصعيد العالمي.

فقد تنبه المغرب منذ سنوات إلى حالة التدهور المتواصل الذي أصبحت غابة الأركان عرضة له بفعل التغيرات المناخية، إلى جانب عوامل أخرى ذات طبيعة بشرية من ضمنها الرعي الجائر، والاستغلال العشوائي لشجر الأركان في حطب الوقود، وقلة التساقطات المطرية مع توالي سنوات الجفاف،… فبادر بإطلاق مجموعة من المشاريع التي استهدفت صيانة الموروث النباتي لشجر الأركان، والتخليف المتواصل للمساحات المتضررة من قساوة المناخ والاستغلال العشوائي من طرف الساكنة المحلية.

وقد اضطلعت المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر بدور محوري في هذا الباب، حيث عملت على إنتاج ملايين الشتائل وغرسها في المساحات المتضررة، مع العمل على تسييج هذه المناطق المشجرة صيانة لها من الإتلاف. كما انخرط القطاع الخاص في عملية إنتاج شتائل شجر الأركان حتى يتم التغلب إلى أبعد قدر ممكن على الحاجيات الكبيرة من الشتائل لمواكبة برامج إعادة التخليف التي تم إطلاقها.

وانصب اهتمام المغرب بالموازاة مع ذلك على الجانب البشري، اعتبارا لكون الساكنة المحلية لمجال انتشار شجرة الأركان تتخذ من هذه الثروة النباتية مصدر للكسب المادي، حيث انخرط في هذا الصدد العديد من الإدارات والمؤسسات العمومية من قبيل قطاع الاقتصاد الاجتماعي، ومكتب تنمية التعاون، إلى جانب برامج التعاون التابعة للبعثات الأجنبية، حيث تم تأسيس العشرات من التعاونيات النسائية والمجموعات ذات النفع الاقتصادي التي تشتغل في مجال إنتاج الأركان ومشتقاته وفق شروط تستجيب لقواعد الاستدامة، بل تطور هذا التنظيم التعاوني لخلق شبكة نموذجية وهي “شبكة جمعيات المحيط الحيوي لشجر الأركان” (غاغبا)، التي لعبت ومازالت تلعب دورا رائدا في تأطير المتعاونات، وتطوير مهاراتهن، والتحسيس بأهمية انخراط مستغلي غابة الأركان في جهود الاستدامة.

ووعيا منه بأهمية الحفاظ على شجر الأركان، عمل المغرب على قبل سنوات على إحداث “الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان”(أندزوا) التي تعتبر الآلية الفعالة لتنزيل وتنسيق مختلف برامج التنمية التي أقرتها الدولة في إطار استراتيجيتها لتطوير قطاع الأركان، والذي أصبح مؤطرا منذ سنة 2011 بواسطة “عقد برنامج” رصد له غلاف مالي بلغ 2.8 مليار درهم.

ومن بين الأهداف التي يتوخى تحقيقها في هذا الصدد، إعادة تأهيل 200 ألف هكتار من شجر أركان الغابوي خلال 10 سنوات، والرفع من إنتاج زيت أركان، التي تزايد الطلب عليها وطنيا ودوليا، إذ ارتفع إنتاجه إلى 10 آلاف طن سنويا، عوض 4 آلاف طن.

ويتم تنزيل استرتيجية تطوير قطاع الأركان من طرف “الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان” ضمن مقاربة تشاركية مع عدد من الفاعلين والمتدخلين في مقدمتهم وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، التي تعمل بدورها على تنزيل مجموعة من البرامج الرامية إلى تطوير هذا القطاع.

ويتم حاليا، ضمن هذا الإطار، تنفيذ برنامج استراتيجي طموح يتمثل في غرس 10 آلاف هكتار من “الأركان الزراعي”، الذي أصبح عبارة عن سلسلة زراعية قائمة الذات، موازاة مع الأركان الغابوي، حيث يندرج هذا المشروع ضمن المشاريع الممولة من طرف “الصندوق الأخضر للمناخ”، وذلك عبر “وكالة التنمية الفلاحية “، إذ ستتكلف الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان بتنفيذ المشروع بشراكة مع التمثيليات الجهوية والإقليمية لقطاع الفلاحة، إلى جانب وكالة الحوض المائي لسوس ماسة.

ويأتي مشروع غرس الأركان الزراعي بالمناطق الهشة في إطار تمويل مشترك بين الحكومة المغربية و”الصندوق الأخضر للمناخ” الذي يساهم في هذا المشروع بما قيمته 39.3 مليون دولار أمريكي، أي بنسبة 80 في المائة من الكلفة الإجمالية للمشروع، حيث أدت هذه الدينامية إلى بلورة تصورات مبتكرة للنهوض بزراعة شجر أركان، من ضمنها إحداث مزارع عصرية متخصصة في هذه السلسلة الزراعية، وذلك وفق نمط عمل يخضع للضوابط العلمية المتعارف عليها في العلوم الزراعية.

وقد تم الشروع منذ سنة 2015 في تنزيل أولى المبادرات الخاصة بتشجيع الخواص على الاستثمار في مجال الأركان الزراعي، حيث أشرف وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، عزيز أخنوش، على إطلاق مشروع الأركان الزراعي على مساحة إجمالية تصل إلى 600 هكتار، باستثمار مالي يصل إلى حوالي 71 مليون درهم، وذلك على مستوى الجماعة الترابية “ارسموكة” بإقليم تزنيت .

ولأن كانت الجهود المتواصلة التي بذلها المغرب من أجل تثمين والحفاظ على شجر الأركان، توجت بإقرار منظمة الأمم المتحدة ليوم 10 ماي يوما عالميا لشجرة الأركان، فإن المنتظم الأممي دعا، علاوة على ذلك، إلى تعزيز التعاون لدعم الحفاظ على المحيط الحيوي لهذه الشجرة، وتطوير التنمية المستدامة لقطاع إنتاج الأركان.

وتنظم مؤسسة محمد السادس للبحث والحفاظ على شجرة الأركان، بالمناسبة، “تظاهرة” في صيغة ندوات افتراضية، التي تعرف مشاركة العديد من الخبراء المغاربة والدوليين، يتم خلالها التركيز على تقديم تحاليل متعددة القطاعات للنظام الإيكولوجي لشجرة الأركان، فضلا عن تنظيم حدث رفيع المستوى برئاسة وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، عزيز أخنوش.

شجرة الأركان من منظور أممي:

شجرة الأركان (أركانيا سبينوزا)، هي نوع متوطن من الأشجار الغابية يوجد في محمية  في جنوب غرب المغرب، وتنمو هذه الشجرة  في المناطق القاحلة وشبه القاحلة. وشجرة الأرگان هي النوع المحدد للنظام البيئي للغابات الغني بالنباتات المستوطنة، الذي يُعرف بـ ❞ ارقانيري❝. وهذا النظام قادر على الصمود في بيئة قاسية في ظل ندرة المياه، وخطر التعرية والتربة الفقيرة.

كما أن هذا النظام البيئي ذي الجمال الاستثنائي مهم لصون للتنوع البيولوجي وللبحث وللتنمية الاجتماعية والاقتصادية نظرًا لتأثيره في الغابات والزراعة وتربية الماشية.

ولغابات شجر الأرگان منتجات حرجية وفواكه وأعلاف، وأوراقها وثمارها صالحة للأكل وذات قيمة عالية، كما أنها تشكل احتياطي علف حيوي للقطعان حتى في فترات الجفاف. وفضلا عن ذلك، تستخدم هذه الأشجار حطبا ووقودا للطبخ والتدفئة.

ويُستخرج زيت الأرگان المشهور عالميًا من بذور هذه الشجرة، ولهذا الزيت استخدامات متعددة، وبخاصة في الطب التقليدي والتكميلي وفي صناعات الأغذية ومستحضرات التجميل.

شجرة الأركان بوصفها ركيزة أساسية من ركائز التنمية المستدامة:

لشجرة الأرگان أهمية كبرى نظرا لتعدد استخداماتها وبوصفها وسيلة من وسائل الكسب، فضلا عن دورها في زيادة المرونة وتحسين التكيف مع المناخ وتحقيق الأبعاد الثلاثة للتنمية المستدامة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية على المستوى المحلي.

وتساهم الممارسات المتعلقة بالأرگان وقطاع الإنتاج المستدام للأركان يسهمان في التمكين الاقتصادي والإدماج المالي للمجتمعات المحلية، ولا سيما النساء اللائي يعشن في المناطق الريفية. وغيرها من المنظمات الزراعية المدعومة من المجتمعات المحلية والعاملة في مجال الأرگان تقوم بدور أساسي في تعزيز فرص العمل المحلية ويمكن أن تؤدي دورا هاما في الإسهام في تحقيق الأمن الغذائي وفي القضاء على الفقر.

ولا يستخدم النظام الفريد القائم على زراعة الغابات والمراعي إلا الأنواع المتكيفة محليًا مع أنشطة الرعي، ويعتمد على إدارة التقليدية للمياه بطريق خزانات مياه الأمطار المحفورة في الصخور، وهو ما يساهم بالتالي في التخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه، فضلا عن الحفاظ على التنوع البيولوجي.

معلومات أساسية:

تجمع هذه المنطقة الفريدة التي تزرع فيها أشجار الأرگان منذ عقود طولية بين التنوع البيولوجي الزراعي والنظم البيئية المرنة والتراث الثقافي الثمين. ولهذا السبب، حصلت على اعتراف من مختلف كيانات الأمم المتحدة وحماياتها.

حددت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) في عام 1988 منطقة إنتاج الأرگان بوصفها محمية. كما أُدرجت جميع الممارسات والدرايات الفنية المتعلقة بأشجار الأرگان القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية في عام 2014 . وعلاوة على ذلك، اعترفت منظمة الأغذية والزراعة في دجنبر 2018 بالنظام الزراعي والرعوي المعتمد على أشجار الأرگان في المغرب بوصفه نظاما تراثيا زراعيا ذي أهمية عالمية.

وفي عام 2021، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 10ماي يوما عالميا لشجرة الأركان. وشاركت 113 دولة عضو في رعاية مشروع القرار الذي قدمه المغرب وتُبُني بالإجماع.

شجرة الأركان في أرقام:

في ما يلي أرقام ومعلومات متعلقة بشجرة الأركان بالمغرب :

– النوع : أركانيا سبينوزا

– الاستعمالات: الطبخ والتجميل والعلاج

– مناطق انتشار شجر الأركان: عمالات وأقاليم أكادير إيداوتنان، وإنزكان أيت ملول، واشتوكة آيت باها، وتارودانت وتزنيت و الصويرة وسيدي إفني

– لتر واحد من زيت الأركان: يتطلب 2 كيلوغراما من اللوز التي نحصل عليها من حوالي 60 كيلوغراما من الثمار

– إنتاج زيت الأركان: ما بين 4000 و6000 طن في السنة

– تصدير زيت الأركان: ما بين 1000 و1500 طن في السنة

– 2011: التوقيع على عقد برنامج بين الحكومة والفيدرالية البيمهنية المغربية للأركان

– 2014: تصنيف شجرة الأركان كتراث ثقافي لا مادي للبشرية من قبل (اليونسكو)

– 2018: تصنيف شجرة الأركان كنظام للتراث الزراعي العالمي من قبل منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)

– 2021: إعلان 10 ماي يوما عالميا لشجرة الأركان

للإحاطة بمختلف الجوانب المتعلقة بهذا الموضوع يستضيف أمين عازيماني، الأستاذ محمد الطهار، المنسق الجهوي لجمعية مدرسي علوم الحياة والأرض بجهة سوس ماسة.