تغطية مباشرة

إعلامهم المنافق...

الرأي
الخميس ٢٠ مايو ٢٠٢١
17:50
استمع المقال
استمع المقال
الإعلام الإسباني ينافق و يخادع حين يريد، في الوقت الذي نجلد فيه بعضنا البعض حين نريد. أخطاؤنا نعرفها و نأمل في تصحيحها، لكن ذلك الجار المتواجد شمالا لا يتصرف بطريقة متحضرة كما يدعي جزء كبير من إعلامه. جزء كبير منه يتقن التزوير و الفبركة و بث خطابات العنصرية و الكراهية..
لا أكتب في السياسة رغم أن حياتي كلها سياسة، لكني أحلل الصورة و هي تخصصي..
من عادتي أن أركز مع الصورة، لأن القاعدة تقول بأنك مهما حاولت التلاعب بالصورة، سينتهي بك الأمر لارتكاب الهفوة التي تفضح سوء النية. من زمان، كان الإسبان يوزعون الابتسامات حين يتابعون صور آلالاف القاصرين يعبرون إلى المدينة المحتلة، و يشتغلون في تهريب البضائع الإسبانية. حينها لم يتحرك إعلامهم ليندد و يستنكر، لأن الأمر كان في مصلحة الاقتصاد الإسباني. توقفت عجلة التهريب، و لم يعد الشبان يمنحون صناديق الإسبان كل تلك الأموال، و فجأة تغيرت اللهجة.. أمس، تابعت بعضا من ذلك التجييش الإعلامي الإسباني بخصوص ما يحدث للمهاجرين في سبتة المحتلة، و بعد بضع من دقائق يكتشف عابر السبيل قبل المختص بأن الصورة في أغلب نشراتهم الإخبارية تستخدم في التحامل و التعالي بلغة استعمارية بالية. رغبة في الإساءة لبلد جار، في مقابل تفادي التركيز و لو للحظة على المقاربة الإسبانية الفاشلة من زمان فيما يخص موضوع الهجرة. تصريحات منتقاة بعناية فائقة و من زوايا تخدم فقط مصلحة الإسبان، و قناة إخبارية إسبانية تحرف الحقيقة في المواضيع الثلاثة الأولى من نشرتها. المثير للتقزز في العملية من ألفها إلى يائها، أن القناة الإخبارية الإسبانية حرفت الحقيقة حتى في المشهد الذي تناقلته هواتف المهاجرين لشرطي إسباني يتفنن في تعذيب أحد المهاجرين في سبتة المحتلة. في التعليق المرافق لعملية الاعتداء الهمجية، يقول الصحفي الإسباني بأن المهاجرين يهاجمون قوات الأمن، و تمر اللقطة و يتقبلها الجميع بصدر رحب في زمن التلاعب بالصورة. قلت التلاعب بالصورة؟ و ماذا عن الشرطي الذي استضافه قناة إسبانية أخرى لينقل روايات تصور أفراد الأمن الإسبان ملائكة، وبأن المهاجرين الأفارقة مجرد جماعة من شياطين. تريدون المزيد؟ مع الإعلام الإسباني هناك دائما المزيد، و منه ذلك العنوان الصحفي العنصري الذي يتحدث عن مسيرة سوداء، و صورة المرأة المغربية المقيمة هناك منذ سنوات، و التي قدمها الإعلام الإسباني على أنها واحدة من المهاجرين الذي دخلوا المدينة المحتلة.
 
 لا أكتب في السياسة رغم أن حياتي كلها سياسة، لكني أحلل الصورة و هي تخصصي..
ثم هناك صورة رئيس الوزراء پيدرو سانشيز في سبتة المحتلة التي تعكس عمق أزمتهم السياسية التي تخصهم، و فيها يحاول كثير من محتجين إسبان مهاجمة سيارات الوفد لم تنل حظها في وسائل إعلامهم إلا بعد أن نقلها نشطاء على وسائط التواصل الاجتماعي. تم التطرق لها بإيجاز بعد أن طالها القص، و هنا أيضا صاحبها تعليق يحمل البلد الجار مسؤولية إخفاقاتهم السياسية. يمكن أن تكذب بالصورة لبعض من وقت، لكن حبل الكذب يكون قصيرا جدا. سرعان ما تظهر الحقيقة، بعد أن تنطلي الحيلة في البدء على من لا يعرفون طريقة تحرك جزء كبير من إعلامهم. يلتقطون صورا و مقاطع فيديو لمهاجرين قاصرين، و ينشرونها بدون موافقة أو استشارة. يوم أمس شاهدت أغلب قنواتهم و هي تبدع في بث خطابات العنصرية و الكراهية، و في آخر المطاف يتساءل الإنسان العاقل: أين هي حقوق الإنسان التي يتبجحون بها؟ و أين هي مشاهد استقبال الأمن الإسباني للمهاجرين بالرصاص و الغاز في قنواتهم؟ تتذكر بأن الشعارات الرنانة لا تفيد في شيء، و بأن فبركة الصور هي تخصص كثير من بلدان تعطي الدروس، و تسقط في أول امتحان. 
أعود لأذكر نفسي بأني لا أكتب في السياسة رغم أن حياتي كلها سياسة، و بأن تخصصي هو تحليل الصورة، و أتذكر بأن الإسبان الذين يعطون الدروس قاموا مؤخرا بتهريب زعيم الانفصاليين إلى إسبانيا بهوية جزائرية مزورة تم الترتيب لها بشكل سري. من يقوم بهذا الفعل، هل سيعسر عليه فبركة صور مهاجرين؟ أبدا.. هي فقط حرفة يتقنها كثيرون منهم. إعلامهم ملائكي كما يردد العديد من بني جلدتنا، فهو لا يكذب دائما. هو فقط ينافق و يخادع و يفبرك حين يريد، و السلام.