تغطية مباشرة

عذراً أيها الأبطال

رياضة
الإثنين ٢٦ دجنبر ٢٠٢٢
10:30
استمع المقال
ميدي1 راديو
استمع المقال

عذراً أيها الأبطال، فنحن لم نعتد في المغرب، وفي العالم العربي، وفي قارتنا الإفريقية على الفرح بهذا الكمِّ الكبير، ولم نألف العبور للمربع الذهبي لأرقى منافسة كروية عالمية. 

عذراً، ونرجو من وليد الركراكي، ومن كل اللاعبين أن يتفهموا بأنهم صاروا منذ أيام مركز اهتمامنا، والاهتمام عندنا يعني أحياناً أن نقحم أنفسنا في الأمور الخاصة باللاعبين، والاهتمام بكل صغيرة في مشوارهم. الأمور الكبيرة التي تخصكم، نعرفها جيدا منذ لقائكم الأول مع رفاق مودريتش. 

عذراً، ونطلب من الفنان عزالدين أوناحي أن يتقبل ملاحظاتنا العبيطة، وبالخصوص أن لا يعمل بها نهائياً. نحن نتكلم كثيراً، ولنا اليقين بأننا نُطلق سراح مئات الأفكار التافهة، وآلالاف الأحكام الجاهزة، ونرسم وراء شاشاتنا ملايين خطط اللعب التي تصلح لكل شيء إلا للكرة.

عذراً، وبإمكانك عزيزي أوناحي أن تقترف كل الاغلاط التي تريد، وأن تواصل في نفس الآن تسجيل إنجازاتك الكروية. نعاتبك أحياناً، لأننا نحبك، والحب عندنا نعبر عنه بأغرب الطرق الممكنة. حين نحب نعاتب، ونحن أناس اعتادوا التنافس على أعلى مستوى في العتاب. 

عذراً، لأنك حين غادرت المغرب في سن مبكرة لتلتحق بفرنسا، لم ينتبه أحدنا لكل الصعاب التي واجتها، ولازلت تواجهها بشجاعة، وحينها لم نقدم لك نصائحنا الفظيعة التي لا نقدمها أصلاً لأنفسنا. فجأة، صرنا نخاف عليك، وفجأة صرنا نخاف على مستقبلك الكروي، وفجأة صرنا نوجهك نحو الانتقال لفريق دون آخر، وفجأة منحنا فشلنا الذريع الحق في التدخل في طريقة اختيارك لأصدقائك وصديقاتك. نحن هكذا، وأنت تعرف الأمر جيداً.

استمع لكلامنا على سبيل الاستئناس، وتفاعل مع حبنا الغريب، ونفذ ما تريده في آخر المطاف. نصائحنا ووصايانا، يمكنها في أحسن الأحوال أن تصنع لاعباً يمارس في قسم الهواة. نحن نخلط كل شيء، ونحن جيل ألف إتقان المغادرة من الأدوار التمهيدية، ونلنا شهادات في كيفية التعامل مع الإقصاء، وفاتنا الاجتهاد للحصول على شهادات التفاعل مع الإنجازات الكبرى. 

عذراً زكرياء أبو خلال، وعذراً بونو، وعذراً حكيم زياش لأن الأغبياء منا جعلونا نقتنع في يوم من الأيام بأنه بإمكاننا أن نعطيك درساً في الوطنية، وحين حل موعد المونديال قدمت لنا دروساً إضافية في كيفية التعبير عن الحب الحقيقي للمغرب. عذراً لأننا كنا نقصى في الأدوار الأولى، ونبكي قليلاً ثم نصمت.

عذراً لأننا كنا لا نشارك أحيانا في المونديال، ونخسر اللقاء التأهيلي الفاصل بكل رعونة، ونشاهد المنافسة مثل كل المغضوب عليهم وكل الضالين كروياً.

الآن، جاء جيل شاب من أبناء هذا الوطن، وجعلنا نقارع كرواتيا، ونقهر بلجيكا، ونهزم كندا، ونقصي إسبانيا، وننهي مشوار رونالدو وبرتغاله من المحفل، ومع ذلك نأتي لنتكلم بكل وقاحة عن الأسماء التي غابت خلال كأس العالم. 

عذراً، لأننا ببساطة لم نطبع مع الاحتفال من المحيط إلى الخليج، ومع البقاء في المنافسة من أول يوم إلى آخر يوم في الدورة. عذراً لأننا عثرنا على منتخب عالمي، ونسينا أن نعد محللين رياضيين في المستوى.

عذراً لأننا لا نعرف هشام بنسعيد العلوي، ونعرف العديد من القدامى الذين يتفننون منذ عقود في تحليل البؤس الرياضي. كثيرون كانوا يتأهبون لقصف المنتخب بعد عودته من الدور الأول، والآن بعد أن صرتم أسياد العرب وإفريقيا غيروا اللهجة، وتحولوا إلى مطبلين وعازفي إيقاع.

عذراً وليد الركراكي لأنك تعرف كل هذه التفاصيل، ولم تنسق وراء الخطط البالية لمن سبقوك من مدربين عجزة. 

عذراً أيها الأبطال، فنحن لم نعتد في المغرب، وفي العالم العربي، وفي قارتنا الإفريقية على الفرح، ولم نألف العبور للمربع الذهبي لأرقى منافسة كروية عالمية.

عذراً، وليذهب كل التافهين والكسالى ممن يعطون الدروس للجحيم. صنعتم التاريخ، وجعلتم أبناء المغرب يفتخرون. رجاء ارتكبوا كل الأغلاط، وقوموا بأنفسكم بإصلاحها. أنتم الأحق حالياً بإعطاء الدروس، ونحن نحبكم، ونكره كل يحاولون استعراض جهلهم ووصايتهم.

للأسف، لم نكن نتوقع أن يتحقق إنجاز بهذا الحجم، ويلزمنا قليل من الوقت لنتأقلم مع وضع جديد، رسمتموه أنتم. بعد كل الإخفاقات الرياضية التي تلقفناها لعقود، يلزمنا الآن بعض من وقت لكي نتعلم كيف نحب، ونفرح، ونعبر عن هذا الفرح.. هذا كل ما في الأمر، وشكراً لكم على تحقيق أول إنجاز مغربي وعربي وقاري حقيقي، والسلام.