ركن بلال مرميد، رئيس القسم الثقافي بميدي1 وميدي1تيفي
قررت أن أختبئ خلف جدران الصمت، منذ مساء السبت المنصرم. أخجل.. قسماً، إني أخجل.. لم أعثر على تبرير لرحيل الشابة المغربية نورة التي توجهت إلى مركب محمد الخامس في الدار البيضاء متحمسة وسالمة وأنيقة لمشاهدة لقاء كرة، وعادت جثة هامدة.
حاولت أن أعثر على تبرير لما حدث، لكني أعترف بأني فشلت. لتذهب هذه الكرة التي تزرع الرعب إلى الجحيم، وما وقع يجعل الإقصاء مرادفاً للفوز وللخسارة وللتعادل ولكل شيء و شيء مثل كثيرين، تابعت اللقاء عن بعد، ومثل كثيرين تحمست وتمنيت تأهل الرجاء للمربع الذهبي لرابطة أبطال إفريقيا. مباشرة بعد نهاية النزال، تلقف هاتفي سيلاً من رسائل أصدقاء رجاويين، لم يعبروا كعادتهم لتحليل مباراة الأخضر. كلهم، كتبوا كلمات متناثرة عن ما حدث في محيط الملعب، بعد حالة التدافع وسوء التنظيم.
المقاطع المصورة المنتشرة، تثير القرف، وتشمئز منها النفوس، وتنز لها الأعصاب. غابت الكرة، وغابت الأخلاق، وحضرت مشاهد قبيحة للغاية، وهذا الفيلم الرديء انتهى برحيل الشابة نورة.
ما هذا العبث؟ من المسؤول بالتحديد؟ قسماً، إني أخجل.. أخجل، لأني كنت شاهداً في طنجة والرباط قبل أسابيع على تسيير احترافي لمباريات الموندياليتو، وأخجل أكثر لأني أنتمي لبلد أنهى المونديال رابعاً في الترتيب، وأخجل أكثر حين تصلني كل الأخبار حول ذلك الحب غير المشروط من الراحلة نورة لنادي الرجاء. كانت تتوفر كالعادة على تذكرة، لكن ما وقع في محيط المركب جعل الأسى يساند الأسى.
رحلت نورة عنا إلى دار البقاء، وبقينا مثل الحمقى نتداول بيننا صورها، ونتأسف ونتجرع مرارة الفقد. بالأمس القريب، كنا مثالاً يحتدى به في المونديال وفي الموندياليتو، وصارت بناتنا وأخواتنا يفرضن حضورهن في الملاعب لتشجيع منتخبهن وفرقهن المفضلة. فجأة، جاء لقاء كرة مساء السبت لينبهنا إلى أن الأحلام لوحدها لا تفيد، وبأن الأمور التنظيمية في محيط مركب محمد الخامس يجب الحزم فيها أكثر مستقبلاً، لكي لا يكلفنا لقاء كرة عابر، بأداء باهت، فواجع أخرى.
رحم الله نورة.. ثم ماذا بعد؟ لاشيء. أفضل مرة أخرى أن أعود إلى الصمت.. الصمت فعلا هو النقطة الأخيرة لكل الأشياء الموجعة ولو مؤقتاً، والسلام.