تغطية مباشرة

What’s Love Got to Do with It?

ثقافة
الخميس ٢٥ مايو ٢٠٢٣
14:05
استمع المقال
ركن بلال مرميد، رئيس القسم الثقافي بميدي1 وميدي1تيفي
استمع المقال

كانت تُبهر في كل شيء، ويعسر علي أن لا أكتب عنها بعضاً من سطور. سأستغرب كثيراً إذا لم يخصص لها مهرجان كان هذا اليوم، التكريم الذي يليق بها. أعتقد بأنهم لن يخلفوا الموعد، وإذا ضيعوا الفرصة، سيكونون حقّاً من الصغار.
في قلب بيت فسيح، تجلس تينا تيرنر فوق كرسي، وتفتح قلبها للكاميرا، وتحكي عن أمها، وعن آمالها وبالخصوص عن آلامها. بهذه الطريقة ينطلق الوثائقي "تينا"، الذي قُدم قبل عامين في مهرجان برلين السينمائي بصيغته الرقمية. شريط غني بالأرشيف، وغني بمقاطع نادرة، تعطي المشاهد فكرة عن بعض مما عاشته الملكة.. ملكة الروك آند رول، تينا تيرنر، التي انضمت أمس لركب المغادرين. هو وثائقي، بنفس سيرة ذاتية من ساعتين، أخرجه الثنائي دان ليندساي وتي. جي مارتن. قبله بنحو ثمان عشرة سنة شريط آخر: "تينا، What's Love God to Do with it"، خصص لها ولمشوارها، ولكل ذلك الكم من العنف الذي تلقفه جسد إنسانة مرهفة الأحاسيس من قبل رفيقها السابق أيك تيرنر. معه، حققت الإقلاع الفني ب A Fool in Love، ومعه أُجبرت على الوقوف الاضطراري بسبب ما عاشته من ويلات، لم تكشف عن بعضها إلا بعد أن استنزف العنف فصائل مقاومتها.
عبورها من فيلم "تومي" لكين راسل، وبالخصوص من  Mad Max: Beyond ThunderDome إلى جانب ميل غيبسون وإخراج جورج ميلر، وفيه تبين "آنتي" أنها فنانة بصيغة الجمع، تملك في جيبها مفاتيح الموسيقى والسينما معاً، بدورها القوي، وبصوتها في We don't need another hero. في الموسيقى أنصفت نفسها بنفسها، وفي السينما لم يمنحها الجاحدون في هووليود المكانة التي تستحقها، وتلك قصة تكررت مع مبدعين كثر ولاداعي للخوض فيها الآن.
أمام الكاميرا، كان تصنع الفرجة بالصوت وبالصورة، وفي واحد من الوثائقيات الكثيرة المخصصة لها تُسأل الراحلة: هل الشخصية التي تصعدين بها فوق الخشبة حقيقية؟ بدون تردد تجيب تينا تورنر، بأن تؤدي دوراً، وبأنها حين تنهي حفلاً من حفلاتها لتبتعد عن الأضواء، تترك خلفها شخصية تينا تيرنر، لترتدي عباءة "السيدة تيرنر". الفرق الوحيد، هو أنها لا تتصنع في أدائها، لأن كل ما تقدمه من فن، طبيعي ونابع  من موهبة منحها منها الخالق جرعات تفوق كل الآخرين.
باعت السيدة تيرنر ما يقل عن مائة وثمانين مليون نسخة من ألبوماتها، ونالت مئات الجوائز، ومئات التكريمات، وحصلت على ما يكفي مسيرتها من جوائز الغرامي، ولا زلت لحد الآن أعيش على وقع ذلك المقطع من الحفل الذي تستدعي بكل شموخ براين آدمز ليؤدي برفقتها It's Only Love. عذبها رجلٌ ورحل قبلها، واعتنى بها رجلٌ اسمه إيرڤين، ومنحها إحدى كليتيه، وظل إلى جانبها إلى أن رحلت أمس. من البيت الأبيض إلى وكالة ناسا، وشخصيات كثيرة من عالم السياسة والرياضة والفن، تحرك الجميع ليكتب كلمات عن تينا تيرنر. ماجيك جونسون ومايك جاگر وأنجيلا باسيت التي أدت دور تينا ونالت عنه الغولدن غلوب، ثم هناك آلالاف آخرون، تفاعلوا مع خبر الرحيل. كانت الأفضل في مجالها، وفي الآونة طبعنا للأسف مع أخبار رحيل الكبار، وأخاف حقّاً من أن نبقى محاطين مستقبلاً بالصغار. كل الثغار الذين ينطون كثيراً، ويستعرضون جهلهم.
كانت تُبهر في كل شيء، ويعسر علي أن لا أكتب عنها بعضاً من سطور. سأستغرب كثيراً إذا لم يخصص لها مهرجان كان هذا اليوم، التكريم الذي يليق بها. أعتقد بأنهم لن يخلفوا الموعد، وإذا ضيعوا الفرصة، سيكونون حقّاً من الصغار، والسلام.